سنتطرق في هذا المقال لحالة من أكثر الحالات إرهاقا واستنزافا للطاقة وتدميرا للعلاقة العاطفية. حالة كررتها أمامي في يأس العديد من النساء: حبيبي يحب امرأة أخرى، ماذا أفعل وكيف يجب أن أتصرف؟ ولهذا السؤال قد لا أتوفر على إجابة قطعية لكنني سأقودك ببطء فوق هذا الحقل الملغوم حتى تتمكني من الوصول إلى بر الأمان.
أدرك أن هناك لحظات تمر بها كل امرأة عاشت أو تعيش علاقة حب حقيقية. هي لحظات الغيرة والشك والقلق من وجود امرأة أخرى في حياة حبيبها. حبيبة قد تكون موجودة وقد تكون متواجدة فقط في مخيلة المرأة العاشقة. لكن بالتأكيد هناك من النساء من عشن جحيم المرأة الثانية أو المرأة الأخرى، وعانين بيأس وقلة حيلة من هذه الوضعية المستنزفة للطاقة والمدمرة للثقة بالنفس.
سميرة من النساء اللواتي عشن هاته التجربة وتحكي قصتها اليوم بكل ندم. لماذا الندم؟ لأنها لم تجد أنذاك من يأخذ بيدها ويرشدها إلى ما يجب أن تفعله وما يجب أن تتفاداه. تصف سميرة هذه العلاقة العاطفية بأنها كانت مدمرة بكل معاني الكلمة.
1. شهادة حقيقية:
تقول سميرة: التقيت به على مقاعد الدراسة. كنت جالسة في قاعة الدرس أتحدث مع إحدى صديقاتي وننتظر دخول الأستاذ إلى الفصل عندما دخل هو. بمجرد أن وقعت عيني عليه بدأ قلبي في الخفقان. كان واثقا من نفسه جدا تظهر ثقته في مشيته ونظارته. كان وسيما وأنيقا، وكانت له كاريزما مميزة وهالة تحيط به.
جلس في آخر الصف ومعه صديق، وأدركت منذ تلك اللحظة أن هذا الرجل هو قدري وقلت مع نفسي يجب أن أحصل عليه. مرت الأيام وكنت ألاحقه أينما ذهب، فإن ذهب إلى المقصف ذهبت، وإن وقف في مكان وقفت، وإن غادر أصبح المكان كله مظلما. ارتبطت به عاطفيا حتى قبل أن نتحدث وأصبح يشكل بالنسبة لي كل العالم. نَمَّيْتُ هذا الحب بداخلي بغباء واستسلام حتى قبل أن يعطيني أية إشارة، وغرقت في هذا الحب واستمتعت بلحظاته. حتى أصبحت قاعة الدرس بالنسبة لي أجمل مكان في العالم وكلما غاب عن الدرس أحسست بقلبي ينقبض وروحي تأخذ مني.
كنت متميزة وأنيقة لذلك لم يكن من السهل تجاهلي بالإضافة إلى أنني كنت متميزة أيضا في الدراسة. لا أتذكر الآن كيف بدأت علاقتنا ومن بدأ بالكلام لكنني وجدت نفسي في علاقة عاطفية مع أروع شخص في الكون. كان حبي له لا يضاهيه أي شيء في هذا العالم.
1.1. الأخطاء القاتلة:
كانت علاقتنا تمضي ببطء وعذوبة وكنت أستمتع بكل لحظة من لحظاتها إلى أن بدأ يتحدث لي عن حبه الأول وعن علاقته مع امرأة أحبها بكل جوارحه وأخلص لها. ثم بدأ بوصفها ووصف مميزاتها وأخلاقها. كان يتحدث عنها وكأنه يطير وعيناه تلمعان وصوته فيه خشوع. أدركت حينها أن حبيبي يحب امرأة أخرى. وهنا ارتكبت أكبر خطأ في حياتي، عندما أتحدث عنه الآن أدرك كم كنت غبية إلى درجة العبط. قررت بيني وبين نفسي أن أتحدى تلك المرأة التي لا أعرفها واستولي على قلبه وعقله فلا يعود لها وجود.
عندما كانت سيرتها تأتي في الكلام تأخذه الرهبة وكنت كلما حدث ذلك كلما أصريت أكثر على التشبث به والحصول عليه. حبيبي يحب امرأة أخرى بالتأكيد لكنني سأحصل عليه مهما كلفني الأمر، هكذا فكرت وقررت.
كنت من عائلة ميسورة فبدأت أغدق عليه في الهدايا لأعبر له عن حبي، أو حتى أكون صادقة، حتى أستميله بالعطايا. ومع أني كنت واثقة من أن حبيبي يحب امرأة أخرى كنت شبه متأكدة أن المال يمكن أن يشتري أي إنسان. لم أعلم حينها أن الانسان الحقيقي لا يشترى بالمال، وأن الانسان المزيف الذي يشتريه المال لا يصلح لأي شيء.
ارتكبت أخطاء بعدد شعر رأسي، أخطاء غبية ومميتة. كنت كلما لمح إلى رغبته بشيء ما أو رغبته في تغيير شيء ما أقوم بالتنفيذ فورا. طريقة الكلام، طريقة اللبس، طريقة الحركة… كنت ملتصقة به إلى حد كبير، إلى درجة أنه في يوم قال لي مباشرة ونحن في المقصف: “حاولي ألا تلاحقيني أينما ذهبت حتى لا يلاحظ الزملاء ذلك. وأضاف: أنا أقول لك ذلك من أجلك أنت وليس من أجلي، فأنا في كل الأحوال رجل”. وتخيلن!!! لم يحرك كلامه في داخلي أي شيء وكأنني مغيبة أو في عالم آخر. كان يجب أن تقع عيناي عليه لأرتاح وأين ما وجد داخل الكلية يجب أن أذهب لأراه. حب غبي وبئيس.
2.1. صدمة العمر:
عند نهاية الدراسة وبعد التخرج والعمل طلبت منه أن يتقدم للزواج بي، وطبعا جميعكن تعرفن جوابه. طبعا لم يصرح لي برفضه مباشرة لكنه بدأ في مطالبتي بمطالب تعجيزية. كان متأكدا أنني لن أقبل هذه المطالب لأنه لم يكن يدرك مدى الغباء الذي كنت أسبح فيه بدعوى الحب. في البداية طلب مني وضع الخمار وعندما وافقت طلب مني ترك عملي، مع العلم أن عملي كان ممتازا لذا كان متأكدا أنني لن أقبل، لكنني قبلت. قال لي إن أمه غير موافقة على هذا الزواج، مرضت وبكيت وتألمت وانهرت لكنني بقيت متشبثة به. كنت مستعدة لأي شيء من أجل البقاء بجانبه. عندما تأكد أنه لن يستطيع التخلص مني قال لي سأعطيك نصيحة لوجه الله: لا تتركي عملك من أجل أي رجل في العالم مهما كان.
رفض حبيبي الزواج بي لأنه يحب امرأة أخرى ومررت بأحلك فترة في حياتي. كانت الدموع تنهمر من عيني دون أن أستطيع التحكم فيها. جالسة أو واقفة أو في أية وضعية، كانت دموعي لا تجف. فقدت شهية الأكل حتى أصبحت شبح امرأة. أصلا طيلة مدة علاقتنا التي دامت سنتين، كنت نحيفة جدا لأنني كنت في صراع مع امرأة أخرى لا أعرفها. كانت هذه المرأة تسيطر على قلبه وعقله فكنت أخوض معركة ضد طواحين الهواء كما فعل الدونكشوت. فلا أنا عرفت غريمتي حتى أستطيع محاربتها ولا أنا انسحبت في هدوء لأحفظ كرامتي.
خلال الفترة التي تركني فيها، كان الوقت الوحيد الذي لا أبكي فيه ولا أتألم هو عندما يتعب جسدي كثيرا فأنام. تلك السويعات كانت الوحيدة التي أرتاح فيها، وبمجرد الاستيقاظ يبدأ عذاب جديد ومعاناة جديدة فمجرد فكرة أن حبيبي يحب امرأة أخرى كانت تقتلني.
3.1. الندم:
علمت فيما بعد أنه ظل مع حبيبته طوال مدة علاقتنا، وأنه تزوجها ونحن معا. وأنه عندما رفض التقدم للزواج بي كان متزوجا منها. الآن عندما أتحدث عن تلك العلاقة المدمرة لا أحس بأي إحساس غير الندم لأنني أهنت كرامتي بشكل لا يوصف. وقتها لم يكن هناك شخص يمكن أن ينبهني للأخطاء الفظيعة التي راكمتها. متأكدة أنني لو وجدت من يوجهني كانت خسائري ستكون أقل بكثير مما كانت عليه. هي لم تكن أخطاء بالمعنى الحرفي لكلمة خطأ، هي كانت دمارا شاملا لشخصيتي وكرامتي وثقتي بنفسي.
2. الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها سميرة:
طبعا أنا أشكر سميرة كثيرا لأنها تطوعت وتقاسمت معنا قصتها الأليمة والتي تقول عنها أنها أقسى شيء مرت به في حياتها. فهي وقعت بين يدي رجل مثل عليها المشاعر وهو يحب امرأة أخرى. رجل وضيع بالتأكيد لكن لا يحق لنا محاسبته. بكل بساطة لأن سميرة هي من تعترف بنفسها أنها راكمت من الأخطاء ما يستحيل معه أن يعاملها أي رجل باحترام. كما أنها تؤكد أنها هي من أعطته كل الفرص لتحطيمها والقضاء عليها.
سأقول لكن فيما بعد كيف أصبحت سميرة الآن، لكن دعونا نقف قبلا عند الأخطاء المميتة التي ارتكبتها وكيف يجب التعامل معها:
1.2. الإعجاب من طرف واحد:
سميرة وقعت فيما ما يسمى بالإعجاب من أول نظرة. شكل ووجه وطريقة مشي جعلتها تقع في شراك هذا الشخص. سميرة أكدت لي بنفسها أن مستوى حبيبها الاجتماعي كان بسيطا جدا. لكنه تعود أن يتصرف بطريقة معينة ليعطي للناس انطباعا بأنه مهم ومميز. بالضبط كما شرحت لكن في مقالي السابق: كيف أجعل حبيبي مهووسا بي؟ للواتي لم تطلعن عليه. فالتميز يمكن أن نتعلمه كما نتعلم أي شيء آخر، ويمكن أن نطور من ذواتنا ونتدرب على ذلك حتى نصبح مميزين.
بعد ذلك، وبدون أن يعطيها أية إشارات، بدأت سميرة في تنمية هذا الحب بداخلها ورعايته حتى تملكها وأصبح من المستحيل عليها التخلص منه دون تدمير شيء منها ومن كيانها.
نصيحتي إليك:
هنا نقف. إياك ثم إياك أن تنجرفي وراء شكل وطريقة مشي ومظهر. إن من أخطر العلاقات، تلك التي تدخلها المرأة بدافع الاعجاب بالشكل الخارجي. وحتى لو فرضنا أن الاعجاب كان طاغيا وهذا وارد، لأننا جميعا يمكن أن نقع في ما يسمى بالإعجاب من أول نظرة، ونحس بذواتنا تنساق مع شخص ما بطريقة غير مفهومة ولا يمكن شرحها، فلا بأس في ذلك، لكن لا تبني أية مشاعر أو آمال على ذلك ولا تجعلي تصرفاتك توحي بأي شيء مما بداخلك. أنا أقولها لك دائما: أبدا لن تحاسبي على مشاعرك ما دامت لم تتجاوز مرحلة المشاعر لكن بمجرد أن تخرج على شكل تصرفات، في اللحظة نفسها تبدأ المحاسبة.
احتفظي بمشاعرك لنفسك واتركي خارجك صلبا لا يوحي بأي شيء. صعب؟ لا ليس صعبا. عندما ستفكرين في حجم المعاناة التي تنتظرك ستعرفين أن أسهل شيء وأفضل شيء يمكنك فعله هو إخفاء مشاعرك. ظلي كما أنت لا قاسية ومتحفزة فتشي قسوتك بأحاسيسك. ولا سهلة إلى درجة الغباء فيستغلك ويسخر منك. كوني كما أنت طبيعية وبسيطة لكن لا يمكن الوصول إليك، راقية وغير مهتمة بكل ما يدور حولك.
لا تبني أي شيء على لا شيء. ولا تسقي بذرة الحب بدون مبادرة من الطرف الآخر فتسمم حياتك وتقضي عليك. لا تكوني المبادرة كيفما كانت الظروف وفي كل الحالات. فبغض النظر على أن المجتمع العربي لا يقبل المبادرة، المجتمع الرجولي برمته يرفض المرأة المبادرة. كوني شامخة بكبريائك واثقة بنفسك مهما بلغت شدة إعجابك أو حبك للشخص.
2.2. خلقت مشاعر من لا شيء وبدأت بتضخيمها:
في نفس السياق، عندما تبني المرأة كل مشاعرها بنفسها، بدون مبادرة الطرف الآخر الذي هو الرجل تقع في حالتين اثنتين: إما أن يستمر الحب والاعجاب من طرف واحد في التضخم والكبر إلى أن يتملك صاحبه ويحوله إلى شخص غير طبيعي. فتصبح المرأة في هذه الحالة، إما مهووسة أو حتى مجنونة وإما تعيسة جدا ويائسة. وقد تصل بها الحالتان إلى الانتحار أو الاكتئاب الذي تستحيل معه الحياة. وإما أن يتملكها الحب إلى درجة يلغي معه كبريائها فتبدأ بالتقرب من الشخص والتحرش به ثم ملاحقته ومحاولة الحصول عليه بأي شكل.
نصيحتي إليك:
في كلتا الحالتين لا تبني أبدا مشاعرك من داخلك. لا تبني مشاعر مقدسة وقوية على أساس فارغ. لا يكفي أبدا أن يبتسم الرجل أو ينظر إليك، يجب بالضرورة أن يتقدم نحوك ويبادر، وأنت تعطي نصف ما يعطي من مبادرة أو أقل. قيسي ردات فعلك بردات فعله وكوني دائما البخيلة والمتباطئة. يقوم بعدة مبادرات قبل أن تقومي بواحدة، ويبتسم فتنظرين إليه نظرة خاصة لكن بدون ابتسام. يتقدم نحوك بعشر خطوات وتتقدمين أنت بواحدة.
تجربة سميرة تعلمك شيئا أساسيا: عليك أن تختاري بين أن تصبري وتتألمي الآن أو أن تتمتعي وتتألمي فيما بعد، لك دائما الاختيار. لكن تذكري أنني نبهتك، فالصبر والألم الآن سيكون أسهل بكثير من ألم مؤجل يكون مصحوبا بمرارة فقدان الكرامة ومعها الكثير من الأشياء.
3.2. بدأت في ملاحقته:
تقول سميرة: “كان أينما أدار عينيه لمحني، كالشمس هو وأنا أطوف في فلكه”. خطأ مميت وقاتل وغبي. خطأ دفع ذلك الشخص في حينها إلى التعبير لها عن انزعاجه من ملاحقتها له. حين تصل بك الأمور إلى هذا الحد من الإذلال غالبا ما يكون الوضع ميؤوسا منه. لكن للأمانة سأقول لك ما يجب فعله لعل اللواتي لم يقدمن على مثل هاته الحماقات لا يفكرن أبدا في الاقدام عليها.
نصيحتي إليك:
عندما تعجبين بشخص ما أو لنقل تجاوزا تقعين في حبه، تذكري دائما أن لا أحد سيخبره بما يدور بداخلك إن لم تخبريه أنت بتصرفاتك. فما دمت متحكمة في تصرفاتك فإنك في موقف قوة أمامه وأمام الجميع. أحبي كما شئت لكن لا تسقطي في هوة الملاحقة أبدا أبدا أبدا. فطبيعتنا البشرية سيدتي تخاف من الملاحقة وتنفرها وترفضها. لا أحد بتاتا يقبل أن يكون محط ملاحقة حتى ولو كانت هذه الملاحقة بدافع الحب. وحتى ولو كان هذا الحب من أسمى معاني الحب ألا وهو الحب الأبوي. فالرجل يرفض أن يكون ملاحقا حتى من أمه التي يعشقها، فما باله بك.
إذن فملاحقتك له شيء مرفوض تماما ولا يتقبله أي منطق ولا أي مجتمع. فالملاحقة تبعث على الخوف وأحيانا على الاشمئزاز أكثر من أي شيء آخر. ستقولين لي: لكنني أحبه وأشتاق كثيرا لرؤيته، وأنا سأخبرك بحيلتي البسيطة كيف تتغلبين على هذا الاحساس الجامح.
كيف تتغلبين على الرغبة في رؤيته:
متيمة به وتريدين رؤيته بأي ثمن؟ تأكدي أن هذا الشعور هو شعور مؤقت بمجرد أن تتحكمي به مرة أو مرتين سوف تتغلبين عليه دائما. هناك حيلة كنت أقوم بها شخصيا عندما يتملكني ذلك الشعور الرهيب برِؤية من أحب. فعوض أن أَصُبَّ اهتمامي عليه أصبه على نفسي وشكلي وشعري ووجهي وأناقتي. وأقنع نفسي أنني يجب أن أكون رائعة المرة المقبلة التي سيراني فيها. فأبدأ في عمل الخلطات والماسكات والاطلاع على آخر التسريحات وجديد الماكياج… لأجد نفسي، بعد القليل من الوقت، مركزة بشكل كلي على نفسي وجمالي أكثر من أي شيء آخر.
لكل امرأة طريقتها، ومهما تعددت الطرق يجب أن يكون الهدف منها كلها السيطرة على المرأة العاشقة الولهانة بداخلك لحظة تتملكها تلك الرغبة الجامحة بملاحقة حبيبها ورؤيته.
ضعي دائما في ذهنك شيئا ولا تسقطيه طوال حياتك: الملاحقة أبدا لم ولن يكون لها مفعول إيجابي على علاقتك. فمفعول الملاحقة وتأثيرها دائما سلبي. لذا رجاء أزيلي هذه الكلمة وما يرتبط بها من قريب أو بعيد من قاموسك تماما. سواء كانت الملاحقة مادية أو الكترونية أو أي شكل آخر سيظهر بعد مائة سنة. وتذكري: الرجل بطبعه صياد، فتخيلي أنك تلاحقين صيادا، هل يقبل الصياد أن يصبح فريسة؟
في نفس السياق أدعوك لقراءة مقالتي : كيف أحافظ على حبيبي؟
4.2. أغرقته بالهدايا:
تقول سميرة: “كنت أعلم أن حبيبي يحب امرأة أخرى ومع ذلك كنت أسافر إلى أماكن متعددة من العالم وكنت كل مرة أعود من السفر، لا أكتفي بهدية أو اثنتين بل كل ما أستطيع حمله أحضره”. وتتابع: “كل ما يمكن أن يخطر على بالك أحضرته له، وأحيانا كنت أحضر هدايا حتى لأفراد أسرته ليسلمها لهم على أساس أنه هو من اشتراها لهم”.
التحليل:
كلكن تعلمن أنني لا أحكم على أية امرأة لأنني ببساطة امرأة مثلكن، وما مررتن أو تمررن به الآن مررت به أو ببعضه في فترة معينة من حياتي. لذا فأنا أبدا لا أنصب نفسي حكما عليكن أو واعظة. لكنني أتقاسم معكن بكل صدق ما يمكن أن يوفر عليكن سنوات من العذاب والألم بدون فائدة. بل وقد يضيع عليكن فرصا لم ولن تروها لأنكن غارقات في الألم وفي الماضي. لذا فانا لا أحكم على سميرة في هذه النقطة لكنني مغتاظة جدا من تصرفاتها في هذا الجانب بالذات وقد عبرت لها عن ذلك.
الهدايا ياسيدات وجدت ليتحاب الناس ويتآلفوا. وكذلك للتعبير عن الشكر والامتنان أو للتعبير عن قيمة شخص ما في حياتنا. فنهادي لنرى السعادة عل وجه الشخص الذي نحبه أو نعزه أو نقدره، فتكون سعادته جزءا من سعادتنا.
لكن بالنسبة لسميرة الأمر كان مختلفا كثيرا. قالت لي: حبيبي كان يحب امرأة أخرى لذا كنت أهاديه بأغلى الأشياء لأنني كنت أريد أن أنسيه تلك المرأة. بعبارة أخرى سميرة كنت تشتري حبه بالمال، ونسيت أن الرجل الذي يقبل أن يباع ويشترى لا يستحق حتى نظرة الاشمئزاز التي نوجهها إليه، لأنه ببساطة يكون مثل المومس تبيع لحظات السعادة بالمال. أن تكون رجلا ولك عمل وتقبل من امرأة لا تحبها هدايا باهظة الثمن ولا حصر لها. ثم تذهب في المساء إلى حبيبتك الأصلية لتريها ما حصلت عليه من غنيمة ولتضحكا، ربما معا، من غباء المرأة التي أعطتك كل ما لديها لأنها تحبك. فأنت بالتأكيد أقذر أنواع الرجال.
قد يكون الكاريكاتير الذي رسمته مبالغا فيه قليلا. لكن صدقيني الحقيقة تفاجئك أحيانا بأشياء لا يمكن أن تخطر على بالك، أشياء أقبح من الخيال. قبح بعض الأشياء عندما نعرفها يجعلك غير مصدق أنها قد تكون حقيقية. لكن ما دمنا لا نعلم، نظل نظن الخير في الأشخاص وفي الأشياء.
نصيحتي إليك:
إذن كقاعدة نسوية. الرجل المحب هو الذي يهادي والمرأة تستقبل الهدايا لترضى وتكون سعيدة. فإن كان فعلا يحبها فسعادتها ستكون قمة مبتغاه. لا تفكري أبدا أنه هاداك عشرات المرات وأنك يجب أن تهاديه وإلا ظن أنك بخيلة فهذا غير صحيح والرجل لا يفكر أبدا بهذه الطريقة. الرجل إذا أحب أعطى بدون أي مقابل وتوجك ملكة فوق الجميع. وإن لم يحب ولو أعطيته العالم سيظل كما هو قد ينافقك إن كان من النوع “المومس” لكنه أبدا لن يحبك. فالهدايا لا تشتري الحب أبدا والرجل الحقيقي لا “يشتريه” إلا الإحساس الصادق والمرأة الحقيقية.
إذن فمرة أخرى هداياك لا طائل من ورائها. صحيح أنها تعطيك إحساسا رائعا بالرضا عندما تكونين مغرمة. لكنها بالمقابل لا تجلب لك في كل الأحوال غير أشباه الرجال الذين يتشبثون بك من أجل الحصول على أكثر. وكلما أعطيت أكثر كلما استغلك أكثر واستهان بك أكثر.
5.2. وضعت نفسها في صراع مع امرأة لا تعرفها:
تقول سميرة: “كان حبيبي يحب امرأة أخرى لكنني لم أعرف قط غريمتي ومع ذلك كونت عنها صورة بداخلي مما كان يحكيه عنها. وطبعا مع شخصيتي الهشة آنذاك، بدأت ألمع في تلك الصورة وأضيف عليها وأنقص إلى أن أصبحت، في مخيلتي، بلقيس رمز الجمال.
سميرة راكمت الأخطاء ولكن خطأها هنا كان من نوع خاص. فهي في غياب تجسيد للمرأة الأخرى في حياة حبيبها، صنعتها هي على طريقتها فجعلتها أجمل منها وأروع منها وأكثر أناقة وذكاء و و و. والحقيقة أن تلك الصورة هي نتاج حب وهوس من جهة، وقلة ثقة بالنفس من جهة أخرى، والأكيد أنها ستكون بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
تقول سميرة أنها كلما جاءت سيرة غريمتها أحست بغيرة قاتلة وأعطت أكثر من مشاعرها وأحاسيسها ومالها وأعصابها للتفوق عليها. للتفوق على شيء لا تعرفه. لذا كان من الطبيعي أن تنهزم في معركة خاسرة، المحارب فيها يصارع ضد عقله وضعفه ومخيلته.
نصيحتي إليك:
عندما تقعين في مثل هذه الحالة سيدتي، ولو أنه مع مواقع التواصل الاجتماعي الآن، أصبح من شبه المؤكد أنك ستعرفين لا محالة من هي غريمتك لأن الجميع أصبح يُشْهِرُ حياته الخاصة وعلاقاته. في كل الحالات عرفتها أم لا، كل ما عليك فعله هو التركيز على ذاتك. لا تضعي أبدا نفسك في مقارنة معها لأنك صدقيني ستخسرين، ليس لأنها الأروع بل لأنك الأضعف. وبما أنك ضعيفة وهشة سترين فيها أشياء غير موجودة أصلا. وسيزيدك تأكيدا مسألة أنه يحبها وهو معك إذن فهي أحسن منك.
هذا المنطق الرياضي ليس صحيحا بالضرورة، بل هو في أغلب الأحيان غير صحيح. فالرجال بنزواتهم قد يقعون تحت تأثير امرأة أخرى لأسباب عديدة قد لا تخطر على بالك. لذا كل ما عليك التفكير فيه هو نفسك. كيف تبدين رائعة وأنيقة وجذابة ومثيرة و و و. مرحلة التركيز على الذات مهمة جدا في صراعك ضد نفسك وضد سقوطك في بؤرة المقارنة والاذلال. وهي نفسها المرحلة التي يرتفع فيها اهتمامك بنفسك ويقل فيها اهتمامك به، فتبدين مثيرة وغامضة وتجذبينه دون أن تشعري. كوني أنانية وأحبي نفسك يحبك هو وكثيرون غيره.
وحتى ألخص لك الموقف، اعلمي أنه إذا كان حبيبك يحب امرأة أخرى فهناك ثلاث احتمالات: إما أن هاته المرأة كانت موجودة في حياة حبيبك قبلك وهو تركها من أجلك، وفي هذه الحالة مهما أخلص لك سيكون إخلاصه دائما محط شك منك لأنك ستقولين أنه كما خانها سيخونك وربما يعود إليها، فتسقطين في هذه الدوامة ولا تستطيعين الخروج منها. وإما أنها كانت موجودة في حياته ولا تزال موجودة كما حدث مع سميرة وفي هاته الحالة تكونين قد اخترت عذابك بيديك. أو أنها جاءت بعدك وأنت معه وهنا تصبح خيانة فإن تركتها دون ردة فعل فتوقعي الأسوأ في علاقتك مع حبيبك، لأنك بتصرفك هذا تعطينه كل الشرعية لإذلالك متى شاء.
6.2. تنازلت عن كل شيء لإرضائه:
“كان حبيبي يحب امرأة أخرى ومع ذلك كنت مستعدة للتنازل عن أي شيء من أجله”، تقول سميرة. لكن ما لم تعرفه مع الأسف حينها هو أنها كلما تنازلت عن شيء كلما زادت طلباته في محاولة للتخلص منها. حتى تأكد بأنه لن يستطيع التخلص منها مهما رفع سقف مطالبه، فصارحها بذلك وتخلى عنها. لتفاجئ فيما بعد بأن حبيبها كان قد تزوج حبيبته وهو وسميرة على مقاعد الدراسة. أي خلال علاقته العاطفية معها.
تجربة سميرة ليست تجربة منفردة بل بالعكس هي تجربة الآلاف من النساء اللواتي تنازلن عن أشياء قليلة أو كثيرة للحفاظ على الحبيب. عندما تتنازل المرأة عن شيء، خصوصا إذا كانت قد حاربت كثيرا للحصول عليه، فتأكدي أن مسلسل التنازلات بدأ ولكنه أبدا لن ينتهي حتى يستنزفها كليا فلا يدع لها ما يمكنها أن تتنازل عنه. ليتركها بعدها كعقب سيجارة فرغ منه ثم رماه أرضا ودهسه.
نصيحتي إليك:
هناك جملة تتكرر كثيرا لكننا عادة لا نحملها على محمل الجد: “إذا كان الرجل يحبك فسيحبك كما أنت” ولن يطلب منك أية تنازلات. فلا هو سيقيد حريتك ولا هو سيطلب منك التخلي عن شيء أو عن شخص تعزينه من أجله. الحب ليس فيه مستويات فهو إما يحبك أو لا يحبك. فإن كان يحبك سيقبلك كما أنت لأنه أحبك كما أنت. أما عندما يبدأ في طلب تنازلات منك فتأكدي أنك أوصلت له إحساسا بأنك لا تستطيعين العيش بدونه لذلك تجرأ على طلب تنازلات منك لم يكن يتجرأ على طلبها من قبل. فقناعته أنه قد يخسرك إذا طلب منك تنازلات لم تعد موجودة لأنك بتصرفاتك رسخت لديه اليقين أنه مهما طلب منك ستفضلين الاستجابة لطلبه على خسارته.
فعندما تكونين في علاقة حب مع أي رجل كيفما كان وحتى بعد زواجكما، احرصي على وضع خطوط لا يمكنه تجاوزها وحاولي ما أمكنك أن تحافظي على مسافة أمان معه. فلا تكوني كتابا مفتوحا أمامه فيسيطر عليك ولا غامضة كثيرا فيخاف منك. كوني وسطية في كل شيء، والأهم من ذلك كوني واثقة من نفسك ورسخي في ذهنه أنك إنسانة غير مضمونة وأنه يمكن أن يخسرك في أية لحظة إذا أهان كرامتك. وإلا فإن تنازلك البسيط اليوم سيجر عليك سلسلة من التنازلات التي لن تستطيعي رفضها في المستقبل.
خلاصة القول:
الخلاصة اليوم ستأتي على لسان سميرة، تقول: “كنت في مهمة عمل أنا وزميلة في العمل والسائق. كنت جالسة في المقعد الأمامي بجانب السائق عندما توقفت سيارتنا في إشارة مرور حمراء. رفعت رأسي أنظر إلى المارة الذين يعبرون ببطء خط الراجلين فرأيته، لم يتغير فيه شيء. نفس الثقة بالنفس ونفس طريقة المشي ونفس النظرات لكن هذه المرة كانت بجواره زوجته. تلك التي نغصت علي حياتي لمدة سنتين وأكثر.
رأيتها لأول مرة، حبيبي يحب امرأة أخرى، وها هي أخيرا أمامي. كانت أقرب إلى رجل منها إلى امرأة. كانت تتأبط ذراعه وهو يسير بجانبها بدون مبالاة. شعرها قصير كشعر الرجال وخطواتها رياضية لكن وجهها أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه لن يدفعك إلى النظر إليها مرة أخرى. امرأة عادية جدا بل أقل من عادية، وملابسها لا تحمل أي معنى من معاني الأنوثة. هل هاته هي المرأة التي رسمتها في خيالي وأَسْبَغْتُ عليها صفات الجمال الخالد؟ لقد كنت أدمر نفسي بنفسي. بحبه لها تخيلتها إلاهة جمال في حين أنها أقل من عادية. اكتشفت أنني عذبت نفسي بنفسي لأنني كنت ضعيفة الشخصية قليلة الثقة بالنفس، وهو استغل ذلك أبشع استغلال.
نظر إلي ونظرت إليه بدون أي إحساس أو شعور، لم يرجف لي جفن. نظرت إليه بكل هدوء وأدرت رأسي باتجاه زميلتي التي كانت تجلس في المقعد الخلفي.
عندما تحركت سيارتنا تساءلت: كيف يمكن لحب كان بحجم الجبال وكاد أن يحطم بجبروته كل حياتي. كيف له أن يصبح باردا هكذا بدون أدني شعور؟ لا مرارة ولا حزن ربما القليل من الندم. لم أستطع أن أتحقق مما كانت تحمل نظارته والحقيقة أنني لم أهتم. فكما أصبحت حاليا، أشياء كثيرة جدا لم تعد تهمني إطلاقا، لم يعد يهني غير نفسي وراحتي النفسية والجسدية وأناقتي وإنجازاتي. ورغم أنني اليوم متزوجة وسعيدة إلا أن مسافة الأمان دائما موجودة بيني وبين زوجي، إلى حد الآن.
تحياتي لك.