هل كان علي ألا أصارحه بحبي في بداية علاقتنا العاطفية؟ جاءني هذا السؤال من إحدى السيدات فانتهزت هذه المناسبة لأحدثك عن خطأ بسيط جدا ترتكبه العديد من النساء في بداية علاقتهن العاطفية لكنه مع الأسف يكلفهن أحيانا كل العلاقة.
1. شهادة حقيقية:
تحكي نادية بحيرة وارتباك: ” إنه يحبني أنا متأكدة من ذلك. يحاول المستحيل لإرضائي وحاضر دائما للإستجابة لأي طلب أطلبه منه رغم أن علاقتنا لم تتجاوز شهرا ونصف. يحدثني دائما بالهاتف وصرح لي بحبه عدة مرات. كنت في غاية السعادة حتى تملكتني يوما رغبة جامحة في نطق الكلمة التي تمنى كثيرا أن يسمعها من شفتاي. وتمنيت بدوري أن أنطقها وأستمتع بسحر تلك اللحظة التي لا يعادها أي شيء. قلت له أحبك، وأنا أنظر في عينيه التي لمعت فجأة ثم انطفأ بريقها وكأنه في نفس لحظة مكاشفتي له بحبي خفت ولعه.” ثم تتساءل: “هل كان علي ألا أصارحه بحبي في بداية علاقتنا العاطفية “
ربما أنك لم تعيشي أبد لحظة كهذه. ربما لم تطرحي على نفسك يوما سؤالا من قبيل: هل تسرعت بمصارحته بحبي؟ لكن الموقف الذي تعرضت له نادية موقف سيفتح عينيك على نقطة رئيسية في طبيعة الرجل يجب أن تعرفيها. نقطة ستساعدك لا محالة على اتخاذ القرار: في بداية العلاقة العاطفية، كلمة أحبك، هل أقولها أم لا؟ وحتى تتخذي القرار الصائب، يجب عليك أولا أن تعرفي طبيعة الرجل.
2. طبيعة الرجل:
1.2. الرجل يبادر بالتصريح بالحب:
على سؤالك: هل أصارحه بحبي في بداية علاقتنا العاطفية؟ أجبيك، قطعا لا. فعندما يدخل الرجل في علاقة عاطفية، غالبا ما يكون أول من يبادر حبيبته بإعلان حبه لها. بداية بنظرات وتصرفات، ثم إذا استمرت العلاقة في التطور، أكيد بكلمات قد تكون على شكل إيحاءات قبل أن تأخذ شكل تصريح مباشر وواضح. لماذا؟ لأن الرجل الذي يقع في الحب يشعر على الفور بالحاجة إلى التعبير عن ذلك صراحة. فهي بالنسبة له وسيلة لقهر قلب المرأة التي يريدها طالما هو لا يشعر بأنّه امتلكه. وطالما استمر لديه الإحساس بأنه لا يمتلك قلبها ستستمر محاولاته لاستمالة قلبِها، وتنشط لديه طبيعة الصياد الذي يجب أن يحصل على صيده بأي ثمن. فيستمر في تصريحاته وينوعها ويبدع فيها.
2.2. ردة فعل المرأة:
المرأة في هذه اللحظات، خصوصا إذا كانت تحب شريكها تشعر بإطراء كبير. وتترك نفسها تحمل من قبل الحماس وتتملكها رغبة جامحة لمطارحة حبيبها الغرام والتصريح له بحبها. لكن مع الأسف هذا الاهتمام الزائد من قبل حبيبها يقودها إلى استنتاجات خاطئة تماما. فالمرأة تستنتج أنها إذا صرحت له بمشاعرها وطمأنته حول حقيقة ما تكنه له سوف يعمق هذا حبه لها ويقويه. هذا التفكير من لدن المرأة قد يبدو منطقيا جدا، لكن إذا أقدمت عليه فهذا معناه أنها لا تعرف شيئا عن طبيعة الرجل.
3.2. تفسير طبيعة الرجل:
إن الرجل في المراحل الأولى من العلاقة العاطفية، يكون في حالة كبيرة من الحماس والتوتر. هذا التوتر هو ما يدفعه نحو المرأة التي يريد إغوائها ويشجعه ويحفز طبيعة الصياد لديه. غير أن الرد الذي يأتيه من حبيبته بالاعتراف بالحب، كما فعلت نادية بحسن نية، لديه تأثير فوري وقوي لكسر هذا التوتر.
لو كان رد فعل نادية قد جاء متأخرا أو غامضا، كان ليعيد إحياء العملية ويسمح لها برفع نسبة التوتر وتحفيز آلية وطبيعة الصياد لدى حبيبها. لكن مع الأسف هي عندما طمأنته قامت دون أن تدري بإطفاء هذه الرغبة. فالصياد أبدا لا يحب أن تكون فريسته سهلة أو أن تبعث له إشارات توحي بأنها سهلة الاصطياد، لأن ذلك يفقده الرغبة في الصيد والمحاولة. وحتى إن حاول سيفعلها فقط لإرضاء رغبة معينة.
قد تقولين غريب جدا وغير منطقي بتاتا! وأقول لك متى كانت الطبيعة البشرية منطقية. لكنني سأحاول تقريب الصورة لك وتأكدي أنها أقرب صورة منطقية لطبيعة الرجل والتي تجهلها أغلب النساء.
4.2. تقريب الصورة:
إنك أيتها المرأة عندما تقومين بكسر التوتر الذي يحرك تصرفات حبيبك ومشاعره، فإن المسافة بينكما لم تعد قائمة. وهو ما يشعر الرجل بشكل غير واعي أنه نجح فيما كان يقوم به. طبعا تصريح حبيبته بحبها له يشعره بالسعادة والثقة لكنه في آن الوقت يعطيه إحساسا ويقينا أنها أصبحت “ملكه”. وهو ما يفقده أقوى غريزة رجالية لديه وهي غريزة “الغزو أو الصيد”. إذا لم تكوني قد قرأتي بعد مقالي: كيف أحافظ على حبيبي؟ فافعلي، ستفهمين الكثير عن طبيعة الرجل.
ماذا سيحدث بعد ذلك؟ الرجل، بعد أن ضمن قلب حبيبته، سيتوقف عن بدل أي مجهود لغزو قلبها. شيء طبيعي فنحن لا نحاول أبدا الحصول على شيء نملكه. بعدها ينتظر الرجل أن تستمر العلاقة في مسارها بوتيرة أكثر هدوءا وأقل حماسا. وهنا يحدث خطأ فادح من طرف المرأة التي، بخيبة أمل أن حبيبها غير سلوكه، تبدأ هي في طرح أسئلتها عليه لتطمئن. فينقلب الموقف كله ضدها لمجرد أنها ضعفت في لحظة رومانسية، وفضلت الاستمتاع باللحظة ولم تستطع أن تؤخر نطق كلمة الحب العالقة بين شفتيها.
الآن لنلقي نظرة على ما يقع في الجانب الآخر، أي جانب الرجل.
3. ماذا يجري في ذهن الرجل:
يرى الرجل من جانبه أن حبيبته بدأت تتغير: فهي بدأت تعبر عن حاجتها القوية إليه وإلى الرومانسية وإلى الحب. هذا السلوك يشعر الرجل بالضغط لأنه من المفروض أنه الآن في مرحلة الراحة والانسحاب بعد اعترافها بحبها له. فبينما هو بدأ يجد قليلا من نفسه واستقلاله الذاتي وحريته، حبيبته تسعى إلى الاندماج الرومانسي الحقيقي وتلح في ذلك.
ولذلك، فمن الضروري في بداية العلاقة العاطفية، أن تعرف المرأة كيف تتعارض مع رغباتها الداخلية. عليها أن تعرف كيف تتبنى موقفا قد يبدو متناقضا مع ما تحس به. بعض الناس سيقولون إنها لعبة، إنها بالفعل لعبة، لكنها لعبة أعصاب وإدراك. ولتحقيق هدف إقامة علاقة دائمة، فمن الضروري أن تبدي المرأة قدراً من ضبط النفس في هذه اللحظة من العلاقة. لماذا؟ لأنها بتصرفها الغامض تغرق الرجل في بحر من عدم اليقين وعدم التمكن وهو ما يثير رغبته ويوقد لديه رغبة الغزو والصيد. لذا كل ما عليك فعله هو الآتي:
3.1. اضبطي نفسك في المراحل الأولى للعلاقة:
هناك ملاحظة أساسية وضرورية يجب على كل امرأة إدراكها لإنجاح علاقتها العاطفية والوصول بها إلى بر الأمان. إننا حين نتحدث عن ضرورة ضبط النفس في اللحظات الأولى من العلاقة وعدم البوح بمشاعرها لحبيبها، نقصد بالطبع كلمات الحب المباشرة. ولكننا نقصد كذلك كل التصرفات التي تترجم هذا الحب من مكالمات أو رسائل على أي منصة تواصل اجتماعي كانت، أو أي حركات مبالغ فيها أو إيمايلات أو غير ذلك..
فضبط النفس يجب أن يكون على جميع المستويات. بالتأكيد كل امرأة تدرك الحدود الدقيقة بين الطبيعي والمبالغ فيه. يمكنك أن تظهري اهتمامك بحبيبك بطريقة أنيقة ولبقة سيفهمها حتما دون أن يدخلك ذلك في نطاق المرأة السهلة أو العاشقة الولهانة.
عليك أن تدركي أنك إذا تقمصت هذا الدور طبيعيا، أي دور المرأة العاشقة الولهانة، أو تكلفت إظهاره، فأنت في الحالتين بصدد فقدان حبيبك. ومعه العلاقة العاطفية التي كانت لتكون رائعة لو أدركت كم يحس الرجل بأهميتك من خلال صعوبة الوصول إليك.
2.3. متى يجب أن أصارحه بحبي؟
من الطبيعي أن هناك من ستتساءل: متى إذن يمكنني أن أعبر عن حبي لحبيبي؟ لأنه من غير المعقول أن أضل صامتة طوال العلاقة فيما هو يعبر لي في كل فرصة عن حبه؟ إن ذلك قد يعطيه انطباعا بأنه لا يعني لي شيئا. ثم إن الحب هو أروع إحساس في الكون ويجب التعبير عنه.
أبدا لن نختلف حول هذا الطرح، فالحب هو أروع ما يمكن أن يحسن به أي كائن. والمرأة خصوصا عندما تحب تتسارع الكلمات إلى فمها بوتيرة يصعب معها ضبطها أو التحكم فيها. لكننا هنا لا نتحدث عن الجميل والطبيعي والرائع نحن نتحدث عن الراسخ والدائم والمستمر. فالشيء الجميل بطبعه غير دائم، والاختيار لك. فإذا كنت تريدين التعبير عن حبك بمجرد تلميحه لك بالحب فلن يمنعك أحد من ذلك، لكن نهاية علاقتك ستكون أقرب منها إلى استمرارها.
خلاصة القول:
تقول نادية مستدركة وكأنها قد فطنت لخطئها: هل كان علي ألا أصارحه بحبي في بداية علاقتنا العاطفية؟ نصيحتي أوجهها لك ولها أيضا: اتركي علاقتك العاطفية تتطور بالوتيرة الصحيحة للعلاقة. لا تستعجليها ولا تستحلي لحظات البوح العابرة. كوني أذكى من ذلك ودعي قوتك كأنثى تخدم هدفك الأساسي وهو الحفاظ على حبيبك والوصول بعلاقتك العاطفية إلى بر الأمان. وتذكري دائما: كلما كان نَفَسُكِ في العلاقة العاطفية أطول وأعصابك أقوى كلما رسمت نهايتها الجميلة بيدك.
تحياتي لك.