تـعيشين قصة حب رائعة مع شخص يمثل بالنسبة لك كل العالم. تتحدثين عنه طوال الوقت وتضجرين صديقاتك بوصف وتعداد كل ما يتميز به. هو كالشمس بالنسبة لك كل عالمك يدور حوله. وبالموازاة مع ذلك أنت في قمة السعادة. فالسعادة التي تأتي من العشق عادة ما تكون من أجمل الأشياء التي يعيشها الإنسان في حياته. كل شيء حولك وردي وأنت كالفراشة محلقة في سماء هذا الجمال الروحي والعاطفي.
وفجأة، وبالتدريج تبدئين بملاحظة أن حبيبك بدأ يبتعد عنك شيئا فشيئا ثم بدأ يتجاهلك. تبعثين برسالة فيقرأها ولا يجيب. تواعدينه فيتأخر أكثر من اللازم وقد لا يأتي، دون أن يكلف نفسه حتى عناء الاعتذار. يمر يوم عيد ميلادك فينسى حتى أن يعايدك دون أن نتحدث عن الهدايا وكلمات الحب. وتقتلك التساؤلات: لماذا يفعل ذلك؟ هل من الممكن أن يكون هذا الشخص هو نفسه الذي كان يظل ساهرا معي في الهاتف بالساعات ويرفض أن يغلق هاتفه حتى لا يفقد صوتي؟ مستحيل!!
في البداية، وبدافع الرفض الداخلي، لن تصدقي ما تحسين به وستحاولين البحث عن أي عذر في العالم لشرح تصرفاته. ويوما بعد يوم، وعذرا بعد عذر، سوف ينتهي ما في جعبتك من أعذار وستجدين نفسك في مواجهة مباشرة مع أسوء كوابيسك: إنه فعلا يتجاهلك ويبتعد!
في البداية ستأتي التساؤلات تليها الخيبات ثم الألم. وبدون أن تشعري ستبدئين بالتشبث بأي شيء يمكن أن يبقيك معه ويجعله يظل بقربك حتى تظل السعادة التي كنت تعيشينها موجودة. وفي هذه اللحظات تبدأ الأخطاء القاتلة التي، إذا لم تنتبهي لها، ستدمر علاقتك العاطفية بشكل نهائي ولن تترك لكما مجالا للعودة.
في مقالي هذا لن أوضح لك تلك الأخطاء القاتلة التي ستراكمينها لأنها موجودة في مقالتي: كيف أرجع حبيبي الذي تركني بدون سبب؟ لكنني سأجيب على سؤالك: ماذا أفعل إذا بدأ حبيبي يتجاهلني؟ سأوضح لك لماذا يتجاهلك الآن هذا الشخص الذي جاهد قبلا للحصول عليك. فمن من حقك أن تعرفي، ليس فقط لتفادي ذلك في المستقبل بل لتفادي الألم والذل الذي ينتج عن عدم المعرفة ويكلفك أياما من الدموع والحزن والألم.
1. لماذا بدأ حبيبك يتجاهلك؟
في اعتقادي قبل أن تتساءلي : ماذا أفعل إذا بدأ حبيبي يتجاهلني؟ عليك أولا طرح سؤال أساسي وهو: لماذا بدأ حبيبك يتجاهلك ويبتعد؟؟ لا تعرفين؟؟!! والسؤال يتردد صداه بداخلك آلاف المرات حتى يستحوذ عليك؟ حسنا، رغم أن كل حالة هي حالة منفردة بميزاتها وخصوصياتها، إلا أنني سأختصر لك في نقطيتين اثنتين الأسباب التي قد تجعل حبيبك يتجاهلك.
1.1. لأنه لم يعد مهتما بك:
أولا، بغض النظر عن سبب تصرف حبيبك. ليس هناك مخلوق فوق الأرض كيفما كان، وهنا أتحدث عن الرجل وعن المرأة. ليس هناك مخلوق يمكن أن ينظر في هاتفه فيجد رسالة من يحب على هاتفه ثم يقول مع نفسه: أنا لن أجيب على هذه الرسالة، وبدل ذلك سأذهب إلى الجيم.
إذن وباختصار شديد، إذا تجاهل حبيبك رسالتك رغم قراءته لها فهو في الغالب لم يعد مهتما بك. أو بالأحرى لم يعد مهتما بك كفاية حتى لا نكون قطعيين. هو هنا بعدم إجابته عليك أرسل لك رسالة مبطنة مفادها: أنت لست مهمة كفاية لأرد عليك.
هنا ماذا سيحدث؟ ردة فعله هذه ستفاجئك وتؤلمك في نفس الوقت خصوصا أنك لا تعرفين السبب. ولأنك لا تعرفين سبب ذلك ستحاولين الاستفسار منه، وهنا إذا كنت من النوع الرزين جدا، حتى لا أقول البارد، سترسلين رسالة نصية أخرى وتنتظرين جوابه للتأكد. أما إذا كنت كمعظم النساء، فستحملين هاتفك للاتصال به على الفور والاستفسار منه عن سبب تصرفه. ستحاولين إطفاء النار التي بداخلك بالوصول إليه ومكالمته.
هنا أتوقف لأقول لك أن الجواب على سؤالك: ماذا أفعل إذا بدأ حبيبي يتجاهلني؟ هو عكس ما تقومين به الآن كليا. فالرجل حين يقرأ رسالتك ولا يجيب عليها فهو ليس مريضا ولا مشغولا ولا ميتا ولا أي شيء آخر.
هو حين يقرأ رسالتك ولا يجيب هو ببساطة لا يريد أن يجيب وعندما يبعث لك هذه الرسالة الغير المباشرة باللامبالاة أعطني سببا واحدا يجعلك تتجاهلين رسالته هذه وتصرين على الالتصاق به حد التحرش. إنك بتصرفك هذا تحرجين نفسك أكثر مما تحرجينه فيضطر إن هو أجاب أن يكذب عليك أو يجاملك هذا بالطبع دون إغفال احتمالية أنه لن يجيبك أصلا وهو الاحتمال الأرجح. فكيف ستتصرفين في هاته الحالة؟
* الرجوع الفوري إلى الوراء:
إن أحسن ما تكافئين به نفسك في هذه الحالة وتعاقبينه به في نفس الوقت هو ألا تتواصلي معه نهائيا. تتوقفين فورا عن مكاتبته دون محاولة معرفة السبب وتلغين من رأسك تماما فكرة الاتصال به، وتقتلين بداخلك في اللحظة نفسها أي رغبة تدفع بيدك إلى الهاتف. لا أقول إنك لن تتواصلي معه أبدا بعد ذلك، بل أقول لك دعي بعض الوقت يمر. دعي حيزا من الزمن يفصل بينكما حتى تتوضح الأمور لديك ولديه.
هذا الوقت قد يأخذ ساعات وقد يأخذ أياما وربما حتى أسابيع. كل حالة لها خصوصياتها. لكن الأكيد أنه حين تصل الأمور إلى حد تجاهله لك، فإن هذه الفسحة الزمنية يصبح لها أهمية قصوى، وهي الوحيدة الكفيلة بحفظ كرامتك وتنبيه حبيبك إلى نوع النساء التي تكونين، فيفهم إن لم يكن قد فهم من قبل، أن كرامتك فعلا خط أحمر ولا يحتمل أي لون آخر.
ومن جهة أخرة، فإنك بهذه الفسحة الزمنية تكونين قد منحته الوقت الكافي لمراجعة نفسه وتنظيم الأمور بداخله والاتصال بك إن كان فعلا لا يزال يحمل لك مشاعر الحب. أو الانسحاب بدون كلام كما يفعل أي رجل جبان لا يملك الشجاعة الكافية للمواجهة والمصارحة، إن لم يعد يحمل لك أية مشاعر. وفي كلتا الحالتين أنت الرابحة، وصدقيني كل قرار أجبرتك كرامتك على اتخاذه لن تندمي عليه أبدا.
* لا تعاودي الاتصال به مهما رغبت بذلك:
ماذا سيحدث بعد ذلك؟ أنت تقررين:
هناك من النساء من تعيد الكرة مرة أخرى بعد عدة أيام بإرسال رسالة نصية أخرى لتأكيد شكوكها أو نفيها. وطبعا لن أحتاج أن أصف لك حجم العذاب الذي تعانيه المرأة طيلة مدة الصمت تلك بينها وبين حبيبها. والتي تدفعها في النهاية إلى الرغبة في الحصول على موقف نهائي وجواب نهائي مهما يكن يخرجها من منطقة “المعلقة”.
فإن هو تجاهل رسالتها من جديد بعد قراءتها تقطع الشك باليقين وتلملم بقايا قلبها وكبريائها وتنسحب. وإن هو أجابها بشكل عادي جدا كأن شيئا لم يكن، تحاول أن تضغط على زر الكبرياء بداخلها لتلغيه وتلغي عقلها الذي يؤكد لها أن تصرفه غير طبيعي بالمرة وقلة احترام. كل ذلك لكي تعيش تلك اللحظات بسعادة وهمية أنها استرجعته. لذلك وفي الحالتين، أنا لا أحبذ هذا التصرف بتاتا.
أنا شخصيا أفضل المرأة القوية والمستقلة والواثقة والتي تأخذ قرارا حاسما ونهائيا بأنها لن تمنحه أبد ذلك الإحساس مرة أخرى. ولن تعطيه فرصة تجاهل رسالة من رسائلها مرة أخرى. امرأة تعطي حبيبها حيزا واسعا من الوقت وتكون بذلك مقتنعة أن حبيبها لو كانت لديه أية ظروف تمنعه من مكالمتها فقد استفاد من مدة كافية لتجاوزها. أو على الأقل للتعايش معها قبل أ يقرر الاتصال بها لشرح الأمر (باستثناء أن يكون قد مات وأخوه هو من يقرأ الرسائل).
فإذا اتصل وشرح موقفه تظل هي في موقف قوة ويمكنها أن تبدي جميع تحفظاتها على سلوكه وطريقته في التعامل معها. وإذا هو لم يتصل تكون قد حافظت على كرامتها كاملة غير منقوصة.
2. لأنك جرحت كبرياءه بقول أو فعل:
إن الرجل، أي رجل عندما يمس كبرياءه، حتى ولو كان عاشقا ولهانا، تكون ردة فعله إحدى اثنتين: إما أن يثور ويغضب ويأتي في طريقه على الأخضر واليابس. وإما أن ينطوي على نفسه وينزوي في أقصى مكان لا تستطيعين الوصول إليه فيه. وتتساءلين: إذن ماذا أفعل وقد بدأ حبيبي يتجاهلني؟
1.2. دعي بعض الوقت يمر قبل التدخل:
حبيبك يمكن أن يكون من النوع الذي يحب أن يتحدث ويتقاسم حزنه لكنه بالتأكيد في الحالتين لن يتوجه إليك لفعل ذلك. وفي هذه الحالة ليس لك خيار آخر سوى انتظار أن يخف ألمه وغضبه ليمكنك مكالمته وشرح موقفك أو الاعتذار منه.
في بعض الحالات ربما قد تجهلين تماما ما يجري ولماذا أخذ منك موقفا كهذا لكنني دائما أؤكد، دعي له حيزا من الوقت قبل التدخل، هذا الحيز تأكدي سيكون إيجابيا جدا لكليكما.
في نفس السياق، حبيبك يمكن أن يكون من النوع الذي لا يقبل مراضاة أو اعتذار، فقد يكون تصرفك قد كسر بداخله شيء لا يجبره ألف اعتذار. وفي هذه الحالة ما عليك إلا الصبر وانتظار أن يشفي جروحه بنفسه أو يتجاوزها مع الزمن بطريقة أو بأخرى.
لذا أنا أؤكد عليك دائما، في أحلك لحظات النقاش وحتى الانفصال امتنعي تماما عن جرح حبيبك بكلمة أو تصرف مهما بلغت بك الرغبة لفعل ذلك. لأن العلاقة العاطفية تبتدأ بالمشاعر لكنها تستمر بالأخلاق. بالإضافة إلى أن تصرف من هذا النوع هو تصرف لا يليق بسيدة راقية.
2.2. قومي بالمبادرة وأصلحي الأمر:
بعد مدة من الوقت، من المفروض أنك أنت من يأخذ المبادرة ويبدأ بالخطوة الأولى اتجاه حبيبك لأنك أنت المسؤولة الوحيدة عن هذه الوضعية. فنحن هنا لا نهدف إلى خلق امرأة متجبرة متغطرسة ومؤذية. بل هدفنا تكوين امرأة قوية ولماحة وذكية والأهم من ذلك كله مؤدبة ومراعية لمشاعر الآخرين.
لذا وجب عليك معرفة الخط الفاصل بين الكبرياء والتكبر وإلا فسوف تخسرين هذا الحبيب وغيره وربما تخسرين حتى صديقاتك ومن حولك فانتبهي. ففي أحيان كثيرة نتمنى لو نرجع إلى الوراء لاسترداد كل ما أفلت من أفواهنا، لكن ذلك بالطبع مستحيل. لذا مادام بإمكانك التحكم في كلماتك وتصرفاتك إفعلي ولن تندمي أبدا.
تذكري جيدا أنك بمجرد دخول نفق كبرياء الرجل ستجدين نفسك تخسرين كثيرا من النقط بدل من ربحها. لذا نصيحتي لك تجنبي تماما هذه المنطقة الحساسة في شخصيته.
وفي كل الحالات، سواء الأولى أو الثانية، الشيء الأساسي الذي يجب التركيز عليه هو الصمت والصبر لأنهما في هذه الحالة قد يصنعان ما لا يصنعه الكلام. فترك حيز زمني كفيل بتضميد الجروح أو توضيح الأمور أو هما معا. لذلك تجدينني لا أمل من تكرار جملة واحدة وهي أني أعتمد على قوة أعصابك. ستقولين لي سهلة بالكلام صعبة جدا في التطبيق. وأشاطرك الرأي تماما لكني أعقب عليك وأقول: متى كانت الأمور الرائعة سهلة ومتاحة.
خلاصة القول:
ماذا أفعل إذا بدأ حبيبي يتجاهلني؟ باختصار أعود لأقول لك وأؤكد دون ملل أو كلل، اللواتي يتابعن مقالتي يعرفن ذلك جيدا، لكنني مع ذلك أعيده للمرة الألف، أعيده للواتي يعرف وأقوله للواتي لا يعرفن: مهما وصلت إمكانياتنا ومهما بلغ ذكاؤنا أو ثراؤنا أو ثقافتنا… ما يحكمنا في النهاية هو طبيعتنا البشرية التي نحملها عبر التاريخ منذ آلاف السنين.
هذه الطبيعة ضلت تعيد علينا قواعد لا تتغير. وواحدة من أهم هذه القواعد أنه كلما ابتعد الشيء وأصبح صعب المنال كلما حاولنا بكل الطرق الوصول إليه. تذكري هذه القاعدة جيدا واستحضريها في جميع تصرفاتك. صدقيني هي وحدها كفيلة بلجم جماح قلبك عندما يدفعك، في لحظات ضعف، إلى تصرفات حمقاء قد تندمين عليها كثيرا فيما بعد.
تحياتي لك.