من سبق لها أن زارت المغرب لا بد أنها تعرف أن الحمام المغربي سر من أسرار جمال المغربيات. قد تختلف طريقة التحضير له وممارسته من منطقة إلى أخرى ومن امرأة إلى أخرى، لكن الأكيد أنه ليس هناك امرأة مغربية لا تمارس هذا الطقس الشبه مقدس، سواء في المنزل أو خارجه. من الاستعداد لحضور الحفلات إلى السفر أو الأعراس، كل النساء بدون استثناء يمارسن طقوس الحمام المغربي التي تغنيهن عن إبر النضارة والتقشير الكيميائي وغيره.
1. ما لا تعرفه عن الحمام المغربي:
الحمام هو مكان عمره قرون في المغرب، وهو مكان حقيقي لتنقية الجسد والروح، ولكنه أيضًا مكان لجميع اللقاءات. حيث تتحدث النساء عن حياتهن وأطفالهن وعملهن ومشاكلهن. في هذا المكان الدافئ المليء بالحكايات، قد تبني النساء صداقات وعلاقات لا تبنيها خارجه.
لمن لم تطلع بعد على مقالتي حول المغرب أنصحها بذلك، ستكتشف عالما من الجمال : أجمل الأماكن السياحية بالمغرب
1.1. ما هو الحمام المغربي؟:
يعتبر الحمام المغربي سر من أسرار جمال المغربيات لإنه حمام حراري رطب يختلف تمامًا عن الساونا التي تعتمد على الحرارة الجافة. كما أنه يختلف عن الحمام التركي الذي يتم بالكامل تقريباً بالبخار. يتم تسخين الحمام المغربي بواسطة الحطب الذي يتم استعماله لإشعال النار في بيت يتم حفره بعمق تحت الحمام، وهذه النار هي التي يتم بواسطتها تسخين ماء الحمام، في حين أن تواجد بيت النار تحت الحمام يمكن من تسخينه بالكامل، لذا بمجرد ان تطأ رجلك البيت الأول من الحمام ستجد أن الأرضية دافئة ومريحة، وترتفع الحرارة تدريجيا تحت قدميك إلى أن تصل إلى درجة كبيرة كلما اقتربت من البيت الداخلي الأكثر سخونة والذي يتواجد مباشرة فوق بؤرة اشعال النار الموجودة في الطابق التحت أرضي. وهذا النظام المتميز هو الذي يجعل الحمام المغربي، عكس الحمام التركي، رطبا ولكنه غير مملوء بالرطوبة إلى درجة يصعب معها التنفس.
2.1. ما هو شكل الحمام المغربي؟:
الحمام المغربي مستوحى من الحمامات الرومانية التي اكتشفها العرب أثناء فتح سوريا. ويتكون الحمام المغربي عادة، من غرفتين إلى ثلاثة غرف (غرفتين على الأقل)، ويتدرج ارتفاع الحرارة فيها من الغرفة الأقل سخونة في مدخل الحمام إلى الغرفة الأكثر سخونة في أقصى الحمام، والتي ترتفع درجة حرارتها لتصل إلى 50 درجة. والهدف من هذا التدرج في الحرارة بين هذه الغرف هو السماح للجسم بالتأقلم على حرارة أكثر شدة بشكل تدريجي. أما الهدف الأساسي من مرور الجسم بهذه المراحل، فهو أن يصبح الجلد أكثر ليونة بفضل الحرارة وتتفتح مسام الجلد.
بالإضافة إلى هذه الغرف يتكون الحمام المغربي من غرفة استقبال كبيرة بكراسي مريحة مقاومة للماء، وفي هذه الغرفة تنزع النساء ملابسها قبل الدخول إلى غرف الغسل، أو بالعكس ترتديها بعد الاستحمام للمغادرة.غرفة الاستقبال هذه تكون مميزة من حمام إلى آخر، ففيها تجد مجموعة من النساء اللواتي تسهرن على راحة السيدات الوافدات على الحمام. غالبا تكون المجموعة مكونة من ثلاث نساء على أقل تقدير، وقد تصل إلى 12 امرأة حسب حجم الحمام وأهميته وعدد الوافدات عليه يوميا. هاته المجموعة من النساء تكون رهن إشارة أية امرأة لمساعدتها في كل ما تريد، وتسمى هؤلاء النسوة باللهجة المغربية: “الكسالات” أو “الطيابات”. في هذه الغرفة كذلك، غرفة الاستقبال، تقوم النساء بإعداد كؤوس شاي أو كأس أعشاب، حسب العشبة التي تفضلها الزبونة، لشربها بعد خروجها من الحمام.
2. الحمام المغربي طقوس تجميلية ذات فوائد متعددة:
للاستفادة من فوائد الحمام المغربي، يجب البقاء فيه لمدة كافية. هذه المدة الكافية تختلف اختلافا كبيرا من امرأة إلى أخرى وليست لها أية علاقة بالمناطق أو بالمستوى الاجتماعي أو الثقافي أو أي عامل آخر باستثناء طبيعة المرأة نفسها وحبها لهذه الأجواء والاسترخاء الذي يضمنه هذا المكان.
لكن على العموم، المرأة المغربية تبقى في الحمام لمدة لا تقل عن وساعة واحدة كحد أدنى، وقد تصل في مستواها الأقصى إلى أربع ساعات. ولكن مهما اختلفت المدة التي تقضيها المرأة المغربية في الحمام يمكن تقسيمها إلى عدة مراحل. لكن قبل التطرق إلى هذه المراحل، سنقف قليلا عند فوائد الحمام المغربي ومستلزماته.
1. فوائد الحمام المغربي:
- ينظف الجلد بعمق وبفعالية كبيرة ويزيل الجلد الميت.
- المداومة عليه مع بعض المواد، يعطيك لونا موحدا للبشرة كاملة.
- يحفظ للجسم رائحة رائعة مت قمت ببعض الممارسات البسيطة.
- من أفضل الطرق على الاطلاق للتخلص من بشرة جلد الوزة، أي البشرة التي ينمو فيها الشعر تحت الجلد.
- فعال جدا للتخلص من السيلوليت إذا حرصت على الحصول على تدليك دائم به.
- يطهر مسام الجلد من أي شوائب.
- يزيد في نشاط الجسم ويعطيك شعورا بالراحة والانتعاش لا مثيل له.
- يعمل على إخراج كميات المياه الزائدة في الجسم مما يقلل الانتفاخ.
- استرخاء العضلات.
- تنشيط الدورة الدموية
- التخلص من التوتر والاجهاد والقلق.
لكن للحصول على جميع فوائد الحمام المغربي، يجب الاستعانة بمجموعة من المستلزمات لا تستغني عنها اية امرأة مغربية عند ذهابها إلى الحمام.
2. مستلزمات الحمام المغربي:
عندما تتعرفين على هذه المستلزمات ستعرفيم لماذا يعتبر الحمام المغربي سر من أسرار جمال المغربيات. هذه المستلزمات عديدة ومتعددة، وقد تبدو للمرأة غير المغربية، كثيرة ولكنها بالنسبة للمرأة المغربية نوع من التقليد المتوارث لذا فهي لا تشعر أنها تبذل مجهودا في إعداها، بل بالعكس تحس بالنشوة والسعادة وهي تفعل ذلك، لأنها تعرف الشعور الذي يمنحه لها حمام مغربي بجميع مستلزماته. بالطبع هناك اختلاف بيم امرأة وأخرى في نوع المستلزمات وعددها، لكننا سنستعرض هنا، المستلزمات الضرورية التي لا غنى عنها في الحمام المغربي. أو بعبارة أخرى، المستلزمات التي لا يمكن للمرأة المغربية التوجه إلى الحمام من دونها:
1.2. الصابون المغربي أو الصابون البلدي:
يعتبر المرحلة الأولى والاجبارية في طقوس الحمام المغربي التي لا يستغني عنها، ويعد من أهم المكونات الجمالية في المغرب. وله فوائد في علاج بعض الأمراض الجلدية، وهو مضاد للميكروبات، ويزيل جميع الزيوت العالقة بالبشرة لإعدادها للتقشير. ومن حسن الحظ أنه بدأ بالوصول إلى دولنا العربية عبر التصدير من مختلف التعاونيات المغربية المتخصصة في هذا المجال.
2.2. الليفة المغربية:
الليفة المغربية أو القفاز أو الكيس أو المحكة كلها أسماء مرادفة لما تسميه المغربيات “الكيس”. وهي مصممة للإستخدام في الحمامات المغربية التقليدية، وهي عبارة عن نسيج متين وقوي من الألياف الطبيعية. ويكون بحجم اليد يرتدى كما نرتدي القفاز لكن بدون أصابع.
3.2. الطين المغربي:
الطين المغربي أو “الغاسول” من أكثر المكونات الجمالية شعبية لدى المغاربة، وهو عبارة عن رواسب عضوية قديمة في عمق جبال الأطلس، ويستخدم كقناع للبشرة والشعر وأحيانا للجسم. يعمل الطين المغربي كمنظف ومزيل للسموم ومرطب وذلك بسبب محتواه العالي من مادة السيليكا والماغنيسيوم والكالسيوم ويتم خلطه بالماء أو ماء الورد للحصول على قوام كريمي. وهذا هو المطلوب.
4.2. حجر الكعب:
يستخدم حجر الكعب لعلاج تشققات الأقدام في منطقة الكعب تحديداً. ويمكن من تقشير المنطقة الخاصة بالعكبين تحديدا لأنها صعبة التقشير وسميكة الجلد قليلا، لذا فالليفة المغربية لا تصلح لتقشير هذه المنطقة ويستعمل بدلا عنها حجر الكعب لأنه أكثر خشونة وصلابة.
5.2. الحناء:
معظم النساء المغربيات تستعملن الحناء في الحمام للجسم والشعر. وتعرف الحناء بفوائدها المدهشة في توحيد لون البشرة وترطيبها وإعدادها للتقشير رغم أن هناك نساء يستعملنها بعد التقشير على الجلد النقي وعلى الشعر.
6.2. الليمون الحامض:
تأخذ المرأة المغربية الليمون الحامض معها للحمام لفرك الماكن التي يكسوها بعض السواد أو تلك التي توجد بها حبوب. لكن لا ينصح استعماله بالنسبة للمرأة ذات البشرة الجافة.
7.2. ماء الورد:
ليست كل المغربيات تستعملن ماء الورد في الحمام، لكن غالبا النساء اللواتي يستعملن الحناء يفضلن خلطها بماء الورد للحفاظ على رائحة زكية بالجسم قد تدوم لمدة أسبوع كامل.
8.2. جلدة الحمام:
وهي شبيهة بزربية صغيرة لكنها من البلاستيك، تضعها المرأة تحتها أثناء الجلوس، وتكون كبيرة كفاية لتشمل جميع جسدها في وضعية الاستلقاء. وليست هناك امرأة مغربية تدخل الحمام بدون جلدة حمام.
بالإضافة إلى هذه الأمور، هناك المور الاعتيادية المشتركة بين جميع النساء وهي: الشامبو وأحيانا البلسم، جيل الاستحمام، شيفرة الحلاقة للسيدات، سطل أو أكثر للماء وطاسة لأخذ الماء…
3. المراحل التي تمر منها المرأة في الحمام المغربي:
1.3. المرحلة الأولى:
أو مرحلة قاعة الاستقبال، فيها تزيل المرأة ملابسها، تضع الكل في حقيبة وتعطيها لسيدة في القاعة مهمتها مراقبة حقائب السيدات والمحافظة عليها.
بعد ذلك، تختار السيدة إذا كانت ستستعين بامرأة لإتمام طقوس الحمام أو ستكتفي بنفسها. في الحالة الأولى تدخل برفقتها سيدة هي من تقوم بكل ما يلزم بمقابل مالي غير محدد، تعطيه السيدة للمرأة أو “الكسالة” حسب قدرها وكرمها.
2.3. المرحلة الثانية:
تجلس السيدة في إحدى الغرف حسب اختيارها. والعامل المحدد في هذا الاختيار يكون عادة مدى تحملها لدرجة الحرارة المرتفعة من عدمه. فالغرفة الأولى تكون معتدلة جدا والغرفة الثانية تميل للحرارة أكثر، ثم الغرفة الثالثة قد تصل فيها درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
في إحدى هذه الغرف تجلس المرأة على جلدة الحمام وتبدأ بصف الماء الدافئ على جميع جسدها قيل أن تقوم بدهن الصابون المغربي على جسدها بالكامل، بما في ذلك الوجه. تتركه من 5 إلى 10 دقائق أو يزيد حسب الرغبة ثم تشطفه جيدا. وقد تخلطه بالحناء قبل وضعه وهذه عادة الغالبية من النساء.
3.3. المرحلة الثالثة:
تسترخي المرأة بعد ذلك وتسلم نفسها “للكسالة” التي تقوم بعملية تقشير لجسمها بالكامل بواسطة الليفة المغربية لإزالة كل الجلد الميت والشوائب والحصول على جلد ناعم جدا. في هذه المرحلة يكون التقشير عميقا حيث يتم إزالة الجلد الميت وإزالة الانسداد. لكن هذا التقشير يستثني الوجه الذي تقوم السيدة بتقشيره بيديها أو بليفة رطبة جدا مناسبة لحساسية الوجه. ثم يتم شفط الجسم بالكامل بالماء الدافئ. لذا، يقال دائما أن الحمام المغربي سر من أسرار جمال المغربيات.
تحذير هام:
الحمام المغربي هو تقشير عميق للجلد ككل، وفي حين يكون الجسم مغطى بالملابس، الوجه يكون مكشوفا. لذا يمنع منعا كليا خروجك من الحمام بوجه مكشوف وقت ذروة الشمس. فإذا كان وقت خروجك من الحمام يوافق الساعة الحادية عشر صباحا إلى حدود الساعة الخامسة مساء، أنصحك بوضع غطاء على الوجه وترك مكان العينين فقط، لأن الطبقة الخارجية التي تحمي الجلد تقون قد ازيلت بواسطة التقشير الميع للجلد، وبالتالي يكون الجلد بدون حماية، وقد يؤدي ذلك غلى ظهور بقس داكنة أو كلف على الوجه.
كما أنصحك، ولكن هذه ليست نصيحة إجبارية إذ يبقى لك الاختيار في اتباعها. لا تقومي بوضع أي كريمات اصطناعية أو كيميائية وحتى طبية على وجهك في اليوم الأول من الحمام لأن المسام تكون جدا مفتوحة واي مادة تحتوي ولو على القليل من المواد الكيميائية سيتم امتصاصها. يمكنك بالمقابل دهن وجهك بزيتك المفضل على ان تكون مضمونة المصدر. فصحيح أن وجهك بعد الحمام المغربي يكونا رائعا ونظيفا ومقشرا، لكن هشاشته تكون أيضا مرتفعة. انتظري إلى اليوم الثاني قبل وضع أي مستحضرات أو ماكياج.
4.3. المرحلة الرابعة:
بعد شطف الجسم جيدا، تقوم المرأة بوضع الطين المغربي على جسدها بالكامل بما في ذلك وجهها وشعرها. فالطين المغربي يعتبر منتج تنظيف ممتاز، يغسل الجسم والشعر ويجعله مرنًا وناعمًا. ثم تقوم “الكسالة” بتدليك كامل لجسم السيدة لمساعدتها على الاسترخاء. ثم تقوم بشفط جسدها بالكامل بواسطة جيل دوش أو بدونه وتحظر لها فوطها من الخارج. قبل أن تتوجه إلى قاعة الاستقبال من جديد حيث يقدم لها كأس الشاي وهي تستريح وتعطي فرصة لجسمها ليبرد قبل أن تخرج.