ربما أن الحاجة للإجابة على سؤال: هل يمكن أن تنجح علاقة الحب عن بعد؟ لم تكن أكثر إلحاحا من الآن، حيث العالم كله أصبح كقرية صغيرة بفضل تكنولوجيات التواصل والمعلوميات. في هذا المقال سأحاول أن أرد على أكثر التساؤلات والاشكالات الواردة علي. وطبعا إذا كان هناك تساؤل إضافي سأكون سعيدة للإجابة عليه بشكل خاص عبر الإيميل.
طبعا علاقات الحب عن بعد كانت دائما موجودة. صحيح أنها كانت أقل انتشارا مما هي عليه الآن، لكنها مع ذلك كانت متواجدة. وكثيرون هم الذين عاشوا هذه التجربة بصبر كبير لأنه في تلك الفترة كانت الرسائل تنوب عن الايمايلات. والرسالة الواحدة تأخذ الكثير من الوقت للوصول. لذا كان على من يعيش هذه التجربة أن يتسلح بصبر كبير وقوة إرادة.
أما اليوم ومع ما توفره التكنولوجيا الحديثة من إمكانيات للتواصل، وكذلك مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت علاقة الحب عن بعد أكثر يسرا وأقل تكلفة من حيث مجهود الصبر والانتظار. صحيح أن أهم شيء، وهو التواصل المباشر، غير موجود لكن بين الأمس واليوم المسافة شاسعة جدا.
1. قصة ليلى:
تحكي ليلى والتي راسلتني عبر الإيميل، قصة حبها عن بعد. “كنت قد تخرجت حديثا وحصلت على عمل جيد ولكنه كان في مدينة صغيرة وبعيدة عن العاصمة التي كنت أدرس وأقطن بها. العيش في مدينة صغيرة وهادئة كان ممتعا في البداية خصوصا أنني لم أكن أحب صخب العاصمة. لكن بمرور الوقت بدأت أشعر بملل قاتل. فأماكن الترفيه محدودوة والخروج والتجول محكوم بمجموعة من العراقيل لعل أبرزها أن كل الناس تعرف بعضها فلا يمكنك المرور بمكان دون أن تكون مراقبا ومعروفا. اختنقت وبدأت أضيق ذرعا بالمدينة وطريقة عيش أهلها المكتفين بحياة يومية رتيبة. لكنني لم أكن أستطيع تغيير مقر عملي لأنني حديثة التعيين ويجب أن أقضي بها فترة معينة قبل أن أقدم على تقديم طلب انتقال. كان يجب علي لازما أن أصبر وأتعايش مع واقعي.
1.1. العالم الافتراضي كبديل عن العالم الحقيقي:
أنذاك كان التواصل عبر الميسنجر قد بدأ في الظهور وبدأ يأخذ حيز متصاعد في طرق التواصل. ولأنني كنت أحس بالوحدة والفراغ القاتلين، بدأت أحاول التواصل مع العالم الخارجي لعلي أستطيع النفاذ من العالم المغلق الذي كنت أعيش فيه.
كان العالم الافتراضي منفذي الوحيد على العالم الخارجي، لذلك كرست له حيزا مهما من وقتي. وبدأت أدخل على مواقع التعارف وأتعرف على هذا وذاك إلى أن تلقيت يوما رسالة من شاب يعيش في الولايات المتحدة الامريكية لكنه من نفس بلدي. أخبرني أن أباه هاجر بأسرته إلى أمريكا وهو صغير لكنه زرع فيهم حب بلدهم الأصلي. لذلك هو يحاول أن يتواصل مع أناس من بلده ليتعرف على بلده أكثر ويطور لغته العربية. كانت كتاباته كلها بالانجليزية وكان يكتب بطريقة رائعة، لذا كان أول شيء أقع في حبه هو كلماته. كان مرحا جدا ورسائله تخلق لدي جوا من السعادة لا يضاهى.
عندما رغبنا برؤية بعضنا كان هو أول من أرسل صورته. عندما رأيتها لم أصدق أنني يمكن أن أكون محظوظة إلى هذه الدرجة. كان رائعا بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وسيما بعيون جذابة جدا، وشعر مرتب وجسد متناسق، كان كل ما يمكن أن تعشقه أية فتاة رغم اختلاف الأذواق. وقعت في حبه دون أن أترك لنفسي أي مجال أو حيز للتفكير. أنا الفتاة المدفونة في هاته المدينة البعيدة والمملة. فجأة أتعرف على رجل بهذه الوسامة يعيش في أمريكا، بلد الأحلام، والرائع أنه من بلدي. كان كل شيء رائعا وجميلا ومتناسقا في علاقتنا التي أصبحت علاقة حب جامح شهرا فقط بعد تعارفنا. إعجاب متبادل وحب متبادل وعادات مشتركة ورغبة صادقة في الدفع بعلاقتنا إلى الأمام.
2.1. محاولة الهروب عبر النت إلى عالم أجمل:
لم أتخيل أبدا أن حياتي يمكن أن تتغير إلى هذه الدرجة. فجأة أصبحت المدينة لا تعني لي شيئا والناس لا يعنون لي شيئا وحتى عملي لم يعد يعني لي شيئا. كنت أنام وأستيقض على إيقاع رسائله وصوره وحكاويه. وأصبح هاجسي: متى أراه مباشرة وكيف سيكون هذا اللقاء؟ هل قصة الحب هذه يمكن أن تنجح رغم المسافة الكبيرة بيننا؟ تساؤلات كثيرة جدا كانت تجول في خاطري. ورغم السعادة التي كنت أسبح فيها، كانت هذه الأفكار بين الفترة والأخرى تنغص علي سعادتي. لكنني قررت أن أعيش هذه العلاقة بكل جوارحي وأترك الباقي للظروف.
كنا نتحدث في الهاتف كل يوم. كان صوته ناعما وعميقا وكلماته العربية تضحكني وتحملني إلى عالم آخر. وكان يكرر لي دائما أنه يحبني ويرغب في الارتباط بي وأنه في أول فرصة سيأتي لتوثيق زواجنا. حلم كنت أعيشه في كل لحظة. هل يمكن أن تعطيني الحياة كل هذه السعادة مرة واحدة؟ هل يمكن أن أحصل على رجل بكل هاته المواصفات الجسدية والمادية؟ كان مهندسا ولم يكن يخطر ببالي يوما أنني يمكن أن أرتبط بمهندس جذاب ومثقف مثله. حلم يتحول إلى حقيقة، وحتى وهو يتحول إلى حقيقة كنت أرفظ التصديق. حتى جاء اليوم الذي جاء فيه بالفعل وخطبني بشكل رسمي وتم كل شيء على مايرام قبل ان يعود إلى أمريكا لألتحق به بعد إتمام أوراق الالتحاق.
مهما حاولت أن أصف لكم سعادتي آنذاك فلن أستطيع. في ظرف سنة واحدة وبعد أن كنت أغرق في اليأس والوحدة والإحباط فجأة تتغير حياتي 180 درجة وأجد نفسي زوجة رجل تتوفر فيه كل الشروط التي يمكن أن تحلم بها أية فتاة. كان وسيما جدا وكريما جدا وأنيقا جدا. كل شيء فيه كان رائعا إلى درجة لا تصدق. لم أتساءل حينها لماذا اختارني أنا بالذات فقد قلت مع نفسي أنه بالتأكيد يبحث عن فتاة مسلمة من بلده. كنت كذلك مهندسة ومثقفة وشكلي متانسق ورغم أنه كان يفوقني بمراحل لم أكترث أبدا وخضت تلك التجربة بكل جوارحي.
3.1. التخلي عن كل شيء من أجل الحب:
عندما استدعوني إلى السفارة لاستكمال إجراءات السفر لم أكد أصدق نفسي، فحياتي كلها ستتغير بمجرد أن أحصل على ذلك الطابع الذي سيمكنني من الالتحاق بالرجل الذي اعشقه بكل جوارحي. كان يتابع معي كل المراحل وينصحني حول ما يجب أن أقوم به في كل مرحلة لتمر بنجاح. كان يحيطني بالحب ويغدق عليا الهدايا. ببساطة كنت في عالم من الأحلام.
مر كل شيء بسلام وحصلت على الطابع الذي سيمكنني من الإلتحاق بزوجي. كنت أطير وقدماي لا تلمسان الأرض. ذهبت مباشرة إلى عملي في تلك المدينة الخالية من الحياة لأوقع على طلب الخروج بشكل نهائي من العمل. وفي العمل التقيت بصديق لي كانت بيننا علاقة صداقة قوية، أخبرته برغبتي في ترك العمل نهائيا وقلت له وأنا أرفرف من السعادة أنني حصلت على التأشيرة للإلتحاق بزوجي. فأجابني جوابا لم يرقني أنذاك بتاتا ولم أكن أعي أن جوابه ذاك وإصراره هو من سينقذ حياتي. قال لي بما أن الطلب واحد فعوض أت تطلبي التشطيب عليك من الوظيفة نهائيا أطلبي أن تعطى لك رخصة الالتحاق بالزوج والعودة إلى عملك بعد سنوات إذا رغبت في ذلك. أجبته بيقين : يستحيل أن أعود. قال لي: لن تخسري شيئا فإذا لم تعودي لن يضرك الطلب. فرضخت لرغبته وأنا أردد في قرارة نفسي لن أعود أبدا.
4.1. الاصطدام بالواقع:
غادرت إلى أمريكا واستقبلني زوجي في المطار وكنت أسعد امرأة في العالم. كان أول شيء أثار انتباهي عند وصولي إلى المنزل هو صغره. كان صغيرا جدا ومتواضعا، والأثاث بالكاد ما يجب أن يتوفر. ومع ذلك لم أعر اهتماما لكل ذلك فقد كانت سعادتي أكبر من أن تأثر عليها بضع تفاصيل مادية.
كان زوجي يذهب إلى العمل صباحا ويعود في الخامسة ومن ثم نخرج لزيارة المدينة ولكي يتمكن من الشرب، يفعل ذلك بدون انقطاع. لقد كان مدمنا ومع الأسف هذه الحقيقة لم أكن لأعلم بها عن بعد. كان يسكر كل يوم؛ وفي الأيام التي لا نخرج فيها كان يسكر بالبيت. لا يفقد وعيه ولكن يسكر بشكل مبالغ فيه. بدأت أفهم أنه لم يستطع شراء منزل لائق ولا سيارة لائقة لأن الخمر يأخذ كل ماله. كانت حياته دوامة لا تنتهي من العمل والخمر.
شيئا فشيئا بدأت ألاحظ أنه أيضا أنه زير نساء. وصل به استهتاره أنه يوما أعطى إسمه ورقم تليفونه لامرأة أمامي وأنا أنظر إليه. يومها تأكدت أن المسألة بني وبينه منتهية لكن كان يجب أن أبقى لأنه لم يمض على مجيئي أكثر من سنتين.
كابرت وحاولت. كنت عادة ما أطل من النافذة وهو عائد من العمل فأجده يتحدث مع فتيات في سن المراهقة. لم يكن لديه أي وزاع. يكفي أن تعجبه المرأة فلا يهمه حينها لا سنها ولا سنه ولا أنه متزوج ولا حتى أن زوجته حاضرة. كان سكيرا وزير نساء لكنني مع الأسف ما كان يمكنني أن أرى هذه الحقائق عن بعد.
5.1. خيبة الأمل والعودة:
بعد أربع سنوات عدت في عطلة إلى بلدي وأهلي. وعندما طلب مني الرجوع رفضت وقلت له يجب أن ننفصل، فقال لي: حسنا. كنت خائفة من أن يقوم بحجزي في المنزل إن أنا أعربت له عن رغبتي في الانفصال وأنا في بيته، لذلك صبرت حتى غادرت أمريكا. بعدها دخلت في دوامة هل سيأتي لاستكمال إجراءات الطلاق؟ كنت مرعوبة من أن يتركني معلقة ومربوطة إليه بحبل الزواج لذلك وكلت واحدا من أكبر المحامين لرفع قضية الطلاق. وبعد سنة ونصف جاء لإستكمال الإجراءات، أو هذا ما ضننته. لأنني علمت فيما بعد أنه كان مضطرا لإنهاء الإجراءات من أجل الزواج بامرأة أخرى تعرف عليها حين كان يأتي لزيارتي. امرأة من نفس المدينة ومن نفس الحي.
كل ما استطعت الخروج به من هذه التجربة هو مرارة كبيرة جدا وتفاصيل مؤلمة إلى حد الفضاعة لا أستطيع سردها. ثم عملي الذي استطعت الحفاظ عليه والرجوع إليه بفضل الله أولا ثم بفضل نصيحة صديقي في العمل. “
أشكر ليلى (وطبعا إسم ليلى إسم مستعار) جزيل الشكر لإنها أخذت من وقتها ومن ذكرياتها لكتابة هذه التفاصيل التي بدون شك يؤلمها تذكرها. ليلى اليوم متزوجة وسعيدة والأهم من ذلك مسؤولة كبيرة في عملها.
لقد سردتم عليكم هذه القصة أولا لأن صاحبتها طلبت مني نشرها حتى تكون عبرة لبنات ونساء كثيرات. وثانيا سردتها لمحاولة الخروج باستنتاجات ودروس تمكننا من تفادي الأسوء عندما نجد نفسنا في علاقة حب عن بعد ونسعى لإنجاحها.
2. علاقات الحب عن بعد في تزايد مستمر:
أول شيء يجب أن نقف عنده هو انتشار هذا النوع من العلاقات عن بعد بكثرة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والقفزة النوعية لتكنلوجيا التواصل في السنوات الأخيرة. فعلاقات الحب عن بعد كانت دائما موجودة. لكنها لم تكن بهذا الزخم وهذه الكثرة إلا بعد أن أعطتها تكنلوجيا التواصل دفعة صاروخية، بتقليص المسافات والسماح بالتواصل السمعي البصري بين طرفي العلاقة. لن أسهب في هذه النقطة لأن الجميع يعلم أن وسائل التواصل المتاحة حاليا تسمح للحبيب برؤية حبيبته صوتا وصورة في أية لحظة وكأنها متواجدة بقربه. هذا التطور التكنلوجي الذي لم يكن من الممكن تصوره من قبل، هو الذي أعطى دفعة قوية جدا لهذا النوع من العلاقات. إذا لم تكوني قد اطلعت على مقالتي السابقة: كيف أتعامل مع حبيبي الذي تركني على مواقع التواصل الاجتماعي؟ أنصحك بالاطلاع عليها، ستفيدك كثيرا.
ثانيا، هناك دراسة أمريكية أتبثت أن 3 ملايين من الأمريكين يعيشون علاقة حب عن بعد وأن حياتهم تسير بشكل شبه عادي. وهذا ما يتبث أن علاقة الحب عن بعد هي علاقة عادية وطبيعية إذا توفرت لديها الظروف الصحية للاستمرار.
إذن فأول استنتاج يمكن أن نخرج به هو أن علاقة الحب عن بعد ليست علاقة شاذة ولا غريبة. هي علاقة طبيعية جدا لكن لها خصوصيات معينة. ولكي تنجح علاقة الحب عن بعد يجب فهم هذه الخصوصيات، وكلما فهمناها كلما سهل علينا الوصول بهذه العلاقة إلى بر الآمان. وطبعا مهما بلغ التطور التتكنولوجي ووسائل التواصل فهي تبقى مجرد وسائل ويبقى العامل الإنساني هو من يتحكم في العلاقة وهو وحده من يمكن أن ينجحها أو يفشلها. لذا على كل امرأة وكل رجل وجد نفسه في علاقة حب عن بعد أن يعي تماما خصائص هذا النوع من العلاقات ويتكيف معها.
3. خاصيات علاقة الحب عن بعد:
لعلنا لا نستطيع الإحاطة بجميع خصائص علاقة الحب عن بعد لكننا بالتأكيد سنتطرق لأهمها. وإذا حدث وأغفلنا جانبا منها المرجو الإشارة إليه في تعليقاتكم:
1.3. الثقة:
لا شك في أن الثقة شيء يأتي بالتعامل والعشرة، فهي شيء يكتسب مع الوقت والتصرفات. لكن في علاقة الحب عن بعد، الثقة تصبح مرادا بعيد المنال. فمهما بلغ حب الطرفين لبعضهما تبقى الثقة مرتبطة أساسا بدرجة حب كل طرف للآخر وليس بالحقيقة. فعندما نحب شخصا عن بعد نجد مبررات كثيرة للثقة به رغم عدم تواجد طريقة للتأكد إذا ما كانت هذه الثقة مستحقة أم لا. لذا أقول بأن الثقة شيء صعب التعامل معه في هذا النوع من العلاقات. لذا لكي تنجح علاقة الحب عن بعد يجب على الثقة أن تنبعث من دواخلنا وتغذى بالتواصل إلى حين تبوث العكس.
تقول ليلى أنها طيلة فترة علاقتها عن بعد، لم تشك ولو للحظة في حبيبها الذي أصبح فيما بعد زوجها. فقد كان يحدثها بشكل يومي ويدع لها حرية الاتصال به متى شاءت. وكان دائما يجيب على اتصالتها ويستغرقان في الحديث دون أن تساورها أية شكوك اتجاهه. لذا أؤكد أن الثقة في هذا النوع من العلاقات يجب أن تنبعث من دواخلنا اتجاه الشخص الذي نحبه. وعلينا أن نتحكم في أفكارنا السلبية ونحاول ما أمكن أن نجعل تفكيرنا إيجابيا إلى حين تبوث العكس.
2.3. الغيرة:
إحساس الغيرة هو أكثر إحساس يصعب التعامل معه في علاقة الحب عن بعد. فعادة عندما تغار المرأة على الرجل الذي تحبه يكون ذلك نتيجة مجموعة تصرفات تصدر عنه أو عن من يحيط به. والحالة هذه أن تصرفات حبيبها أو من يحيط به لا تصل إليها في شكلها الطبيعي. لذا يجب على المرأة التي تعيش هذا النوع من العلاقات أن تكون مثالا حيا للنضج والرزانة وضبط النفس.
فإذا كانت الغيرة دليلا للحب فهي في علاقة الحب عن بعد تصبح إتهاما بدون أدلة. حاولي التحكم في غيرتك خصوصا إذا لم تلاحظي أي شيء يبرر غيرتك. فإذا كان حبيبك لا يعطيك أي مجال للشك، فلا داعي لزرع بذرة الغيرة بداخلك والبدء في سقيها شيئا فشيئا. تذكري دائما أنه لكي تنجح علاقة الحب عن بعد يجب ان تقللي ما أمكن من الضغط على علاقتكما، لأن المسافة ضغط كاف جدا لا يحتمل ضغطا آخر.
3.3. الاحساس بالوحدة:
عندما تكونين في علاقة حب عن بعد فيجب أن تتوقعي أنك في أحيان كثيرة سوف تشعرين بوحدة قاتلة وهذا شيء طبيعي جدا. فعندما تخرج صديقاتك مع أزواجهن أو أصدقائهن تحسين بالوحدة. وعندما يضعن برنامجا لنهاية الأسبوع تحسين بالوحدة. وعندما يتقابلن أمامك ويضحكن ويمرحن وأنت لوحدك أكيد انك ستحسين بالوحدة. لكن هذه الاحساس الحاضر بقوة في علاقة الحب عن بعد يمكن تداركه بكثافة التواصل وعمقه. فإذا كنت على تواصل مستمر مع حبيبك عبر وسائل التواصل الاجتماعي الكثيرة والمتوفرة وكان هذا التواصل عميقا من ناحية المحتوى، وذو حمولة عاطفية كبيرة فتأكدي أنه سيملأ عليك الفراغ الذي تشعرين به ويخفف كثيرا من حدته.
لذا، ولكي تنجح علاقة الحب عن بعد يجب أن يكون التواصل مستمرا في الزمان. والمرأة التي تعيش علاقة حب عب بعد يجب أن تأخذ بعين الاعتبار، مثلها مثل الرجل، أن الانشغال عن الطرف الآخر له وقع أثقل بكثير مما هو عليه في علاقة عادية. لذا يجب أن تحرص على أن تكون على تواصل مستمر مع حبيبها وأن تضع دائما في اعتبارها أن نجاح علاقتها رهين بما تخصصها لها من وقت. وحتى لو كانت مشغولة جدا فنحن أبدا لا نكون مشغولين طوال الوقت. لذا لكي تنجح علاقة الحب عن بعد لا بد لهذه العلاقة أن تأخذ حيزا يوميا من وقتها مهما بلغ انشغالها. ونفس الشيء يسري على الرجل.
4.3. اختلاف الثقافات:
عادة ما لا يكون اختلاف الثقافات عائقا أمام علاقة الحب عن بعد. فعندما تقع المرأة في الحب فإن آخر شيء قد تفكر فيه هو مدى تأثير اختلاف ثقافتها وثقافة حبيبها على علاقتهما. فاختلاف الثقافة يمكن أن يزعج العائلتين أكثر مما يزعج الحبيبين.
لكن أحيانا يكون اختلاف الثقافات بين الحبيبن كبيرا جدا إلى درجة أن تجاوزه أو التكيف معه يكون صعبا جدا؛ ويكلف العاشقين مجهودا جبارا ينظاف إلى صعوبة العلاقة. لذا ما أنصح به في حالة كهذه هو محاولة تفادي الأشخاص الذين ينتمون إلى ثقافات مختلفة كثيرا جدا عن ثقافتنا قبل السقوط في الحب. لأننا ما دمنا لم نقع في الحب بعد، التراجع للوراء غالبا ما يكون سهلا ومتاحا.
5.3. اختلاف الديانات:
هناك مجتمعات وأديان تتقبل ارتباط رجل وامرأة من ديانتين مختلفتين وبالمقابل هناك مجتمعات وأديان ترفض بتاتا هذا الارتباط. لذا أنصحك قبل المضي في علاقة حب عن بعد مع شخص يختلف عنك في الديانة أن يكون لديك تصور واضح عن ردة فعل عائلتك إزاء هذا الارتباط. لأنك بالطبع في هذه العلاقة لغاية الارتباط في النهاية. فإذا كانت عائلتك من نوع العائلات التي ترفض هذا النوع من الارتباط رفضا باتا فلن يبقى لديك سوى خيارين: إما التضحية بحبيبك أو بعائلتك.
لذا أنا أنصح كل فتاة قبل الوقوع في حب شخص بعيد ومختلف عنها في الديانة، أن تأخذ هذه النقطة جيدا بعين الاعتبار. فالعائلة قد تكون عائقا، ودينها قد يكون عائقا، ومجتمعها قد يكون عائقا.
6.3. اختلاف التوقيت:
تعيشين علاقة حب عن بعد مع شخص يبعد عنك آلاف الأميال. إذن فأنت تنامين وقت استيقاضه وتستيقضين حين ينام. قد يبدو ذلك في البداية مسليا ولطيفا وهناك من قد تأخذه كتحدي لإنجاح العلاقة. لكن خذي بعين الاعتبار أن هذه الوتيرة التي ستعيشان بها مدة من الزمن ستؤثر حتما على صحتك وعملك وحياتك بصفة عامة. فإذا كنت تعيشين علاقة حب عن بعد ومتمسكة جدا بحبيبك وتريدين بأي ثمن أن تنجح علاقة الحب هذه، فضعي نصب عينيك هذا التحدي إذا كانت الدولتان متباعدتان كثيرا.
7.3. التواصل:
إذا كانت هناك كلمة سر لتنجح علاقة الحب عن بعد فهي بالتأكيد “التواصل”. ففي غياب الاتصال الجسدي والمسافة التي تجثم بثقلها على العلاقة يبقى التواصل هو أنجع طريقة لإبقاء العلاقة حية. هذا التواصل يجب أن يكون قويا وعميقا لأنه يجب أن يعوض في جزء منه العلاقة المباشرة. وكلما كان هذا التواصل يوميا وقويا ومسترسلا كلما كان علاقة الحب عن بعد أقوى وأكثر صمودا.
4. علاقة الحب عن بعد علاقة بدون ضمانات:
أعود لأؤكد، أن المرأة مهما أخذت كل هذه الخصائص التي تميز علاقة الحب عن بعد بعين الاعتبار، فليس هناك ضمانة أنها ستعبر بعلاقتها إلى بر الأمان وتستطيع الوصول مع حبيبها إلى النهاية المرجوة. لماذا؟ لأنه في علاقة الحب عن بعد تضمحل الرؤيا كثيرا. وعادة لا يمكننا أن نرى إلا ما يسمح لنا الطرف الآخر برؤيته. والطبيعي أن الانسان لا يسمح للآخر برؤية الأشياء التي قد تفقده بريقه أو مكانته.
ففي النهاية كلنا كالقمر لنا جانب مظلم. لكن نسبة إطلاعك على هذا الجانب المظلم في علاقة الحب عن بعد ضعيفة جدا، لأن المعاشرة اليومية والاحتكاك المباشر هو ما يجعل الجميل فينا يظهر والقبيح أيضا يظهر. وتجعل إمكانية الاختباء وراء المظهر صعبة جدا. لكن في علاقة الحب عن بعد، الاحتكاك والمعاشرة تكون عن بعد فتترك للطرف الآخر إمكانية تصحيح الوضع أو إخفائه أو تجاهله.
صحيح أن وسائل التواصل الاجتماعي كان لها تأثير إيجابي كبير على هذا النوع من العلاقات. فسهلت التواصل الآني بالصوت والصورة لكن إذا كان الرجل يرغب في إخفاء بعض الحقائق فلن تستيطع وسائل التواصل أبدا كشفه. لأنه هو من يتحكم فيها ويمكنه التعامل معها بشكل يجعله يبدو بطلا أو شريفا أو ذكيا أو غنيا… في حين أن الاتصال المباشر يمكنه أن يكشف الكثير عن الشخص مهما حاول إخفاءه.
كما أن المحيط أيضا عامل حاسم في كشف حقيقية كلا الطرفين. فعندما ينتمي طرفا العلاقة إلى نفس المحيط، نفس الحي، نفس الجامعة، نفس المدينة، نادرا ما يمكن إخفاء حقائقهما عن بعضهما. هناك من ينجح في ذلك، لا أقول العكس، هناك من يعيش معك في منزل واحد سنين عديدة قبل أن تكتشفي الشخص الذي أمامك. لكن أقول غالبا، صعب إخفاء حقيقة الشخص إذا كان محيطكما مشترك.
خلاصة القول:
هل يمكن أن تنجح علاقة الحب عن بعد؟ تقول ليلى: طيلة مدة علاقتي بالشخص الذي تزوجته، لم ألاحظ ولو لمرة واحدة أن النساء نقطة ضعف عنده. أحيانا أقول ربما أنني كنت غارقة في الحب إلى درجة لم يرد عقلي استيعاب هذه الحقيقة. ثم أتذكر أنه لم يجعلني أرى شيئا طيلة مدة علاقتنا. وحتى الخمر لم أستطع اكتشافها إلا بعد زواجنا. كان دائما يقول لي أنا أشرب قليلا ولكنني لا أصل أبدا إلى درجة السكر، فوجدت أنه يثمل حتى لا يقوى على الوقوف. واكتشفت أن هناك امرأة كانت تعيش معه في نفس المنزل، في نفس الفترة التي كنا نتعارف فيها ونخطط لزواجنا. كما أنني بعد الزواج، كنت كلما سافرت وعدت إلى المنزل أجد ملابس داخلية نسائية. ولأنه كان يثمل إلى درجة فقدان الوعي لا يكلف نفسه حتى عناء تنظيف فوضاه.
هذه قصة ليلى ترويها بكل مرارة. وأنا هنا أسردها عليك ليس لثنيك عن الاستمرار في علاقة الحب عن بعد أو تفاديها إذا كنت مقدمة عليها، بل أحكي لك هذه التفاصيل حتى تنتبهي لها جيدا في علاقتك، وتتجنبي أخطاء النساء اللواتي سبقنك. ومرة أخرى أناشد فيك ذكائك وأطلب منك ان تستعملي حدسك وأن تكوني ذكية كفاية لكي تتجاوزي كل العراقيل التي تفصلكما وفي نفس الوقت تلاحظي ما يجري حولك وتركزي في التفاصيل لكي تنجح علاقة الحب عن بعد خاصتك.
وأهم نصيحة أوجهها لك: حاولي ما استطعت ألا تضحي بكل شيء وألا تحرقي مراكبك قبل التأكد من أن الرجل في الضفة الأخرى يستحق هذه التضحية.
تحياتي لك.